
هذا ما ذكره لنا الآياء عن رزقهم في الزمن القديم , وقبل الشروع فيه أحببت أن أضع مقدمة عن :
طبيعة الأرض
أرض بلدة انطاع هي عبارة عن منخفضات ومرتفعات وما بين ذلك ، فما كان من المنخفضات فهو بامتداد الطول
كما أن أرضها صالحة لأنواع المزروعات من حبوب وخضروات ، وبقول وأعلاف ، وهي من المنتوجات الرئيسية ذات الاهتمام لدى الأهالي في هذه البلدة ،والتي تتواصل من قبلهم زراعتها واستنتاجها .
وكل هذه النواحي مستفاد منها ومغتبط بها لارتفاع واتساعها ، وحسن التنظيم لها ، وسعة الشوارع فيها واعتدالها ، لذلك فإن الرغبة فيها

القلب والآبار الأنبوبية
كان في السابق يطلب الماء عن طريق حفر القلب في الأرض بأعماق مختلفة من خمسة عشرا مترا إلى ثلاثين مترا بحسب المواقع ووجود الماء ونموه ، والشكل والتصميم للقلب هو الحفر لها على الشكل المربع ، وبعضها مستطيل ، ثم تعمق حتى الوصول إلى ينابيع الماء في جوف الأرض ، وإزالة الأحجار التي تعرض أثناء الحفر ، وبعد الانتهاء من التعميق ؛ يوضع في أسفلها بجنبات ينابيع الماء الخشب الغليظة ، أو من ساق النخل المعروف بالقوة والمتانة ، والأشجار ذات الأغصان والورق ، وكلها ترصف بجنبات أسفل القلب فوق الماء ، والغرض من ذلك لكي تحجز الرمال عن زحفها إلى مكان تجمع الماء في قعر القلب ، وتصفية الماء ، وما كان من جنبات القلب فهو يحاط من الداخل ببناء الأحجار السميكة خشية حدوث الانهيار لها ما لم تكن متماسكة بنفسها ، ثم يوضع على أعلاها آلات النضح وأدواتها ، والتي بها يتم إخراج الماء من قعر القلب وهي بمسميات كثيرة ، وتتكون من الخشب والحبال وجلود الإبل ، والماء يخرج من قعور القلب بواسطة النواضح من الإبل والبقر والحمر الأهلية بما يسمى في عرف المجتمع بالسواني ،وأحينا تدعو الحاجة في تصعيد الماء من قعور القلب باسطة الرجال إعانة للحيوانات أو لتعذر وجودها .
وفي الثلث الأخير من القرن الرابع عشر الهجري أخذت تتواجد الآلات الحديثة ، والمحركات الثقيلة ، وحفرت الآبار الارتوازية العميقة التي منها ينابيع على ظهر الأرض من غير وسيلة تصعيد بالنواضح ، بل بمجرد الحفر والتعميق ، ووضع الأنابيب التي تؤمن الحفر عن الانهيار .
ومن الآبار الارتوازية العميقة ما يكون نموه وارتواؤه داخل أسفل القلب ، ويتم تصعيده عن طريق المكائن والطلمبات ذات المراوح الصغيرة ، والأنابيب

نشاطا الأهالي في الحرث والاستنتاج
انطاع بلدة زراعية مشهورة تكثر فيها أشجار النخيل المتنوعة من بين سائر القرى ، والمتميزة بجودتها وطيب ثمارها ، ولذة مأكلها ، فالأهالي قديما في هذه البلدة لهم عناية تامة في غرس النخيل وتنمية واستثماره ، ونشاطهم في مزاولة أعمال الزراعة معلوم وملموس ومحسوس ، وأكثر المستثمرات لديهم زراعة الحبوب بأنواعها ، والخضروات والفواكه والبقولات والأعلاف ، وهذا بالإضافة إلى زراعة أنواع النخيل ، والناتج بعد أخذ الحاجة منه يتم عرضه وتسويقه في الأسواق المحلية للبيع ، واكتساب الثمن .
ففي الشتاء الحب والنخيل وفي الصيف الذرة ..
ونصيبهم من المواشي 5 احصنة و30 جملا و120 رأسا من البقر الى جانب الاغنام والماعز في الزمن القديم .
وبعض القاطنين يشتركون في صيد الأسماك في بحر الخليج في الجو الحار .
وعملهم في الزراعة متواصل في جميع فصول السنة ما بين حرث وتنظيف الأماكن المزروعات ، وتسوية وتسميد وإصلاح للمساحات المراد زراعتها ، وتنقيتها من عوائق النباتات ، وما بين رمي البذور ومواراتها وغمرها بالماء وملاحظتها في النمو ، وتهيئتها للاستثمار ، ومراقبة ما يحدث لها من إصابات تعوق نموها واستثمارها ، والكثير من المزارعين يباشرون بأنفسهم مزاولة تلك الأعمال ، ويساعدهم فيها ما لديهم من العوائل من نساء وأولاد .
وكانوا فيما مضى من الزمان يكتفون بأنفسهم في جميع الأعمال المهنية التي تتطلبها المزرعة ، ولا يحتاجون لأحد من العمال في مساعدتهم على أعمالها ، وأما في السنوات الأخيرة فإنهم وكلوا أعمال الزراعة المهنية للأيدي العاملة المستقدمة من خارج المملكة ، ولم يكن أهلها يزاولون من أعمالها غير التوجيه بحسب المسؤولية ،
والنظرية الخاصة .
ومنهم من يكون له مشاركة في الأعمال المهنية مع الأيدي العاملة المستأجرة وهم على قلة ، وما ذاك إلا بما أغني الله به العباد في هذه البلاد فلجأوا إلى الراحة ، وصاروا يزاولون الأعمال الخفيفة التي لا مشقة فيها ، ويجدون منها مكتسبات كافية من وظائف حكومية ، وأعمال في المؤسسات والشركات ، وتجارات وأعمال حرة ، يغنمون منها الحصيلة المالية مع اكتساب الراحة البدنية ، التخفيف من المسؤولية والالتزامات المهنية التي تتواصل مع أصحاب المزارع والاختصاصات الحرفية.

وكانت أسواقهم يباع فيها كل شئ من متطلبات الحياة وكان المواصلات ءآنذاك الجمال حيث أن المناصير كانوا هم من يحملون الأرزاق لبعض الحالات في البلدة من الأحساء والدمام ,
قال صاحب كتاب شبه الجزيرة العربية "وفي قرية نطاع حوالي مائتين وخمسين منزلاً، وثلاثة مساجد أو أربعة،
أما عن السوق فيتكون من عشرة حوانيت يمتكلها حدادون ونجارون وخياطون وغيرهم،
كان يحيط بها سور ارتفاعه اثنا عشر قدماً، وله نتوءات تحصينية وبوابات تطل على الشمال والجنوب.
وفي القرية ماء عذب طيب المذاق، ويزرع في حقولها القمح والشعير والذرة، حيث تسقى هذه الحقول بواسطة الري.
من بين الحيوانات (أنواع الثروة الحيوانية) الموجودة في القرية الجمال والحمير وقطعان الماشية والأغنام والماعز".
المصدر من كتاب: شبه الجزيرة العربية -المجلد الأول- طبع سنة (1917)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق